Assafir: مشروع "إنماء نظام وهب الأعضاء والأنسجة البشرية": لرفع عدد الواهبين اللبنانيين إلى الحدّ الأدنى عالمياً

Tuesday, January 12, 2010

لم يسجّل في لبنان، خلال السنة المنصرمة، أي من الأسماء التي تنوي وهب أعضائها عند الوفاة. مع هذا كان الوضع الطبي لحوالى ألف مريض يتطلب زرع كلية، فيما كان 700 آخرون ينتظرون من يهبهم قلباً أو كبداً.
تلك الإحصاءات أوردتها الدكتورة ماريا بول غوميز، التي تزور لبنان كعضوة منتدبة من «الوكالة الاسبانية للإنماء» التي تتشارك مع اللجنة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة - لبنان، في تطبيق «مشروع إنماء نظام وهب الأعضاء والأنسجة البشرية في لبنان». وتقابل هذه الأرقام مجموعة تشريعات تعود إلى العام 1983، تجدها غوميز كفيلة بنشر ثقافة وهب الأعضاء.
والحكومة الإسبانية التي سجّل شعبها أعلى نسبة في وهب الأعضاء وصلت إلى 35 واهبا من بين كل مليون شخص، تموّل المشروع بقيمة 139313 يورو، على أن يعمل على عدة أصعدة، تبدأ من الواهب وتنتهي بتدريب المستشفيات والأطباء على أحدث التقنيات في هذا المجال.
وكان نقيب أطباء بيروت الدكتور جورج أفتيموس، خلال الاحتفال الذي نظمته اللجنة الوطنية لإطلاق المشروع في بيت الطبيب أمس، قد أعلن عن سلسلة مشاكل وتحديات تواجه الجسم الطبي والمريض معاً في هذا المجال ومنها: عدم تقبّل جسم المريض للعضو المزروع حتى ولو كان من أقرب المقربين للمريض، والتقنيات الجديدة التي تطورت خلال العقود الماضية بالإضافة إلى كلفة العلاج الباهظة. ولعلّ أفظعها تحوّل الموضوع إلى بازار وتجارة امتهنها البعض مستغلين المرضى ومنهم فقراء، داعياً إلى تقبّل فكرة وهب الأعضاء لأن عليها تتوقف حياة كثير من المرضى.
وقد عرض الدكتور فرنك فان غيلدر من الوكالة الاسبانية تفاصيل المشروع الذي يهدف إلى رفع لبنان من نسبة صفر للواهبين إلى الرقم العالمي وهو 8 واهبين لكل مليون شخص «ولو انه رقم متدن» برأي فان غيلدر.
وسيعمل المشروع على عدة مستويات أولها في المستشفيات عبر إعداد عديدها وعتادها في مرحلة أولى، ومن ثم مراقبة تطبيقها للمشروع في مرحلة ثانية. بالإضافة إلى إقامة مؤتمرات توعوية لنشر ثقافة وهب الأعضاء عبر الإعلام كما في القطاعات التربوية المختلفة... موصياً بتأسيس نظام وطني مصحوب بنظام إحصاءات جيّد وفعّال. وهو مشروع يمتد طول السنة وقد بدأ العمل به منذ أيام.
وكان ممثل وزير الداخلية والبلديات العميد شربل مطر قد أعلن عن إلقاء القبض على عصابة تتاجر بالأعضاء خلال السنة الماضية، موضحاً أن «الوزارة بقدر ما تتشدد بموضوع التجارة تحث المواطنين على وهب الأعضاء. لذلك أوصى الوزير بارود بإدارج خانة على رخص سوق السيارات تفيد بموافقة السائق بالتبرع بأعضائه وأنسجته».
من جهته وعد الدكتور عماد الحاج ممثلاً وزير الصحة محمد جواد خليفة «بتأمين كلفة عمليات الزرع على نفقة وزارة الصحة، على أن تجرى في المستشفيات المطابقة للمواصفات المطلوبة لإتمام مثل هذه العمليات، والتي خضع طاقمها للتدريب». كما أوضح ان الوزارة رفعت ملف مشروع قانون ينظم عملية الوهب إلى اللجنة العليا الاستشارية على أن يعرض لاحقاً على المجلس النيابي.
وكانت في المناسبة كلمة للوزير الاسباني خوان كارلوس أسيفيدو شرح فيها أهمية وهب وزرع الأعضاء، لا سيما لجهة تحسين مستوى الحياة عموماً. كما أدار اللقاء نائب رئيس اللجنة الوطنية الدكتور أنطوان اسطفان.
على هامش المؤتمر الصحافي، وزّعت اللجنة كتيّبا تعريفياً بعملية وهب الأعضاء، أشارت فيه إلى أن الموت الدماغي هو الموت الحقيقي للشخص، بحيث تتم المحافظة على تنفس المريض واستمرارية الدورة الدموية عبر الآلات الاصطناعية. وأن المساعدة الطبية التي تقدم للمريض المتوفى دماغياً «مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالمحافظة على الأعضاء التي ستوهب».
وتوصي اللجنة بضرورة الإعلان الفوري للوفاة كي تنظم عملية الوهب وأخذ موافقة العائلة، ويتم تحضير الواهب والموهوب على حدّ سواء. ويمكن شخصاً حياً أن يهب عضواً ككلية واحدة أو نصف كبد أو نصف بنكرياس أو رئة واحدة أو النخاع العظمي. فيما يمكن الميت أن يهب القلب والكليتين والرئتين والكبد والبنكرياس والأمعاء والقرنيتين والعينين والأوعية الدموية بالإضافة إلى صمامات وجلد ونخاع عظمي وأوتار وعظم. مع شرط أن يتراوح عمر الواهب الحي بين 21 و65 سنة.
وتشدد اللجنة في الكتيب على أنه لا يمكن الواهب أو عائلته الحصول على مكافأة مالية مقابل عملية الوهب، على أن تتكفل وزارة الصحة بتكاليف العملية. كما تنصح بعدم تعارف الواهب أو عائلته والمتلقي حفاظاً على المشاعر النفسية لكلا
الطرفين. علماً بأنه يمكن الواهب أو عائلته أن يطلعوا على مصير الأعضاء والنتائج الطبية لزرعها.
وتوصي المرضى الذين تتطلب حالتهم زرع عضو جديد القيام بالفحوصات التحضيرية لعملية الزرع، وتسجيل أسمائهم في مركز واحد للزرع، على أن يزوّد الأخير اللجنة الوطنية بأسماء المرضى الجاهزين للعمليات.
تجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك نظام توزيع للأعضاء مثالي في العالم، وأنه في لبنان يعتمد مبدأ المداورة بين مراكز الزرع التي تحظى بلائحة انتظار، مع إعطاء الأولوية للأطفال والحالات الصحية الطارئة ومن يتمتعون بمناعة عالية.
وأوردت اللجنة موقعاً إلكترونياً للاطلاع على شروط الوهب وبطاقة التبرع : www.nootdt.org.
إلى أهمية نشر ثقافة وهب الأعضاء في إنقاذ حياة كثيرين، وجد العميد مطر في هذه العملية تجلياً لإلغاء الطائفية السياسية «حين يرى مسلم بعيون مسيحي، ويعيش مسيحي بقلب مسلم».

سمعان مادونا